مستقبل العلاقة بين بغداد واربيل؟

‌محمد رياض حمزة

يتساءل العراقون ، عربا وكردا، عن الاسباب التي جعلت العلاقة متوترة بين قادة إقليم كردستان والحكومات الاتحادية ، السابقات منها والانية. إنها إنعدام الثقة . ذلك أن ما يسمى بالطبقة السياسية ، في بغداد وفي أربيل ، تحوم شبهات الفساد حول معظم رؤساء الاحزاب والفصائل والتكتلات التي تكون العملية السياسية منذ 2003 ، سواءً الحكومة أو البرلمان . قيادات الاقليم أدركوا ضعف وفساد الساسة المتنفذين في السلطات الاتحادية. وبالمقابل أن رؤساء الحكومات الاتحادية المتعاقبة مدركون أن قادة الاقليم تمادوا في تطبيق سياسة نفعية استقلالية خلافا للدستور الاتحادي ، وتطالهم ايضا شبهات فساد يؤكدها كتّاب كرد وبرلمانيون. ووفي ضوء انعدام الثقة بين بغداد واربيل ، فإن العلاقة بينهما ، كما يبدو، ستبقى متأرجحة وقد تكون الحكومة الاتحادية و اللجنة المالية في البرلمان الاتحادي أكثر تصلبا إزاء مطالب الاقليم. إذ كيف يمكن للبرلمان الاتحادي تبرير استمرارتحويل أي نسب مالية من الموازنات للاقليم الذي ما نفذ أي إلتزام من قبل. وهل يعوّل الاقليم على تحقيق مطالبه المالية لمجرد تسميته إقليم كردستان العراق؟

ـــــــ أورد فقرة من مقال كتبه الاستاذ سامان نوح بعنوان " عروض البرلمان الكردستاني .. البحث عن موقع في المشهد الدرامي". ليكون شاهدا على الواقع السياسي للاقليم :

"سياسيا: الحديث عن دوره ( المقصود برلمان الاقليم) ترف فكري وحتى في فلسفة المؤيدين المتحذلقين لن تجد له مقاما وموضعا من صناعة الفعل. أما مهمته في اقرار الموازنات سنويا، فقد تركها لنحو ست سنوات عجاف، فلا موازنة ولا ارقام ولا حسابات سنوية، بعد أن رفعت الحكومة عنهم هذه المسؤولية الجسيمة ربما للتخفيف عن كاهلهم المثقل بمهمات تجميل الاحزاب، وهم بذلك سعداء فرحون، لا يسألون ولا يجيبون حتى على تقارير بعض زملائهم "الموهومين بحلم امكانية اصلاح الأحوال" عن الأموال المهدورة في المعابر والقناطر والعقود كما في نسب الرواتب المقطوعة." ( المصدر: موقع "ناس"الإلكتروني في 3 نيسان 2021)

ـــــــــ في 31 آذار 2021 أقر البرلمان العراقي (البرلمان) ، الموازنة المالية الاتحادبة للعام الجاري 2021، بإجمالي نفقات بلغ 129 تريليون دينار (نحو 88 مليار دولار). وكالعادة تأخر إقرارها أربعة شهوربسبب تناقضات مصالح التكتلات والاحزاب المُمثلة في البرلمان الاتحادي . ذلك حفّز مساعي قادة الإقليم لتأمين وصرف نسبة 12% ، أقل أو أكثر، من مالية الموازنة الاتحادية لعام 2021 وتحويلها للاقليم. قبل فوات الاوان، فتُرجمت تلك المساعي بزيارات " ماراثونية" لقادة الاقليم لبغداد لم تتوقف منذ سنتين. ويبدو أن تناقضات مصالح الكتل السياسية في البرلمان الاتحادي تحول دون صرف أي مبالغ للأقليم . لدى اللجنة المالية في البرلمان الاتحادي تشكيكا بأن قادة الاقليم إن حصلوا على أي نسبة من مالية الموازنة وتم تحويلها لحساب الاقليم فإنهم لن يلتزموا بتنفيذ ما تعهدوا به كما فيما سبق. ـــــــــ في منتصف تشرين الاول 2019 أكدت اللجنة المالية النيابية الاتحادية أن رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي أرسل 724 مليار دينار كرواتب لموظفي الإقليم من مالية موازنة 2019 دون أرسال حكومة الاقليم أموال صادرات النفط المستحقة، وأن عبد المهدي يتحمل المسؤوليات القانونية داخل مجلس النواب لعدم التزام الإقليم بدفع مستحقات النفط. وإن "اللجنة المالية النيابية اعدت تقريرا يضم جملة من التوصيات بعد عدم التزام الإقليم بدفع المستحقات المالية من صادرات النفط”. لافتة إلى إن "التوصيات تضمنت توجيه جميع المسؤوليات القانونية لرئيس الوزراء كونه ملزم بتنفيذ القانون وإلزام حكومة اربيل بدفع مستحقات النفط.

ـــــــ وفي (30 أيار 2020) أكدت الجنة المالية النيابية أن وزير المالية، علي علاوي إرسل 400 مليار دينار إلى حكومة إقليم كردستان. وكان علاوي، قد وجه ، بإيداع 400 مليار دينار في حساب حكومة إقليم كردستان. و في 11 تشرين الثاني 2020 خلال مقابلة تلفزيونية اكد علاوي عدم استلام الحكومة الاتحادية أي مبالغ من إيرادات بيع نفط والمنافذ في إقليم كردستان. وقال علاوي لم نتسلم أي أموال من المنافذ او بيع النفط من إقليم كردستان وصادراته . وكذلك الحال في جبايات المنافذ الحدودية.

ـــــــ ليس من الموضوعية إستباق الاحداث والتشكيك بإلتزام قادة الاقليم بتنفيذ المواد التي وردت في الموازنة ، ولكن الواقع يؤكد أن حكومة الاقلم حنثت وما نفذت أيٍ من التزاماتها أو إستحقاقات الحكومة الاتحادية في الموازنات المالية الاتحادية منذ 2004 . وكانت غاية حكومة الاقليم الاهم في علاقتها مع الحكومة الاتحادية تأمين الحصول على نسبة 17% من أموال الموازنات.أما الاستحقاقات الدستورية للحكومة الاتحادية على حكومة الاقليم في ملف النفط والمنافذ الحدودية فإن حكومة الاقليم لا تعترف بها. ولقادة الاقليم تفسيرات خاص بمواد الدستور رغم أنهم يتحدثون عن الدرستور كمرجع لحل الخلافات مع الحكومة المركزية ثم لا يطبقونه ، فالاقليم دولة شبه مستقلة . فقد دأبت حكومة الاقليم على المضي منفردة في ابرام تعاقدات شراكة مع الشركات الاجنبية في إنتاج وتسويق النفط دون علم وزارة النفط الاتحادية .. ثم أنشأت أنبوبا خاصا بصادرات النفط المنتج . وكانت و لا تزال وزارتا النفط و المالية الاتحاديتان لا علم لهما بالعوائد المالية من إنتاج النفط وكمياته .

ــــــــ والان في نهاية شهر نيسان وقد إقتربنا من منتصف عام 2021 فأن تنفيذ الموازنة لا يزال متلكاً ، وأنها تراوح في خضم تناقضات مصالح كتل البرلمان الاتحادي مع بعضها . وتناقض رؤية البرلمان كله مع توجهات الحكومة في أولويات الانفاق العام من مالية الموازنة. وتتكرر لعبة " البلف " بين بغداد واربيل. سذاجة وغباء ونفعية برلمان وحكومة بغداد . وسياسة الاستغفال المتعمد والمماطلة والتسويف من قبل قادة الكرد الذين دأبوا على نهجهم أن النفط ووارداته حصرا لمالية الاقليم وكذلك واردات المنافذ الحدودية . ومع ذلك أقر مجلس النواب الاتحادي كل ما ورد في المادة (11) التي بموجبها ربما يتم تحويل حصة الاقليم من موازنة 2021. على أن هذا الاقرار لا يعني أن الحكومة ستنفذ ما ورد في المادة ( 11) متحججة بموقف اللجنة النيابية من الاقليم.

ــــــ يمكن القول أن قادة الاقليم منذ 2003 والى الان دأبوا على إنتهاج " سياسة شبه انفصالية مستغلين ضعف ونفعية الحكومات الاتحادية في أرساء علاقات مصالح فساد متبادلة مع الطبقة السياسية في بغداد .... وبذلك قد نصل إلى واقع ومستقبل ليس في صالح الكرد العراقيين . ذلك أن واقع الاقليم السياسي والاقتصادي يصعب أن يكون جزءًا من الاقتصاد الاتحادي أو سياسته .

ــــــ ولالقاء الضوء على المادة ( 11) في موازنة 2021 الاتحادية المقرة . أورد متابعات بعض وسائل الاعلام للتوثيق:
ـــــــ وثّقت جريدة " المدى" العراقية بعددها الصادر في 1 نيسان 2021 الفقرة الخاصة بإقليم كردستان في الموازنة وقالت : " صوت البرلمان على المادة( 11) المعنية بحصة اقليم كردستان بسلاسة... وكانت هذه المادة من ابرز المواد التي عطلت التصويت على قانون الموازنة". 

نتابع نص ما أوردته " المدى" عن تلك المالدة :" ونصت المادة ( 11) على تسليم الاقليم ( 460) ألف برميل من النفط يوميا الى شركة التسويق الوطنية ( سومو) ، ومن ثم إسترجاع ( 30) ألف برميل لتغطية الاستهلاك المحلي وإنتاج الكهرباء ، وكذلك ، أي استرجاع ( 180 ) الف برميل لتسديد تكاليف الانتاج والتصدير ، إلى جانب ، إي خصم ، ( 20 ) ألف برميل كمستحقات البترودولار لصالح الإقليم. على أن لا تقل نسبة ، أي كمية ، النفط المسلم الى سومو عن ( 250 ) ألف برميل يومي. غير أن مجموع الأرقام التي أوردتها المدى كخصوات ( 230 ) تُطرح من ( 460 ) فالمتبقي ( 230 ) أقل من 250 برميل ؟

ــــــــ وكتبت فضائية ( الحرة) الامريكية في تغطيتها للمادة الخاصة بالاقليم من الموازنة المقرة ... " وفي ما يخص إقليم كردستان العراق فقد ألزمت الموازنة الإقليم بدفع 250 ألف برميل يوميا في الأقل من إنتاج حقول النفط في الإقليم العراقي إلى الحكومة العراقية لتصديرها مقابل دفع رواتب الموظفين العامين في الإقليم وتسوية المستحقات المتعلقة بين الجانبين "بعد تدقيقها من قبل ديوان الرقابة المالية" ( الحرة 31 آذار 2021)

ــــــــ وثقت مؤسسة " زاكروس عربية" إقرار مشروع موازنة 2021 مركزة على المادة الـ 11 الخاصة بحصة الإقليم في الموازنة:
أولا: تتم تسوية المستحقات بين الحكومة الاتحادية وإقليم کردستان السنوات من 2004 ولغاية 2020 بعد قيام ديوان الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية للإقليم بتدقيقها لإظهار الحسابات الختامية المصادق عليها من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي من الإيرادات المالية المتحققة والنفقات بعد استبعاد النفقات السيادية وما جرى إنفاقه للإقليم ضمن النفقات الحاكمة.

ثانيا:
أ- تلتزم حكومة اقليم كردستان بإنتاج النفط الخام من حقولها وبمعدل كميات لا يقل عن 460 الف برميل يوميا ويتم استبعاد الكميات اللازمة لتغطية نفقات الانتاج والنقل والتشغيل وحسب البيانات المقدمة بذلك والكميات المستهلكة محليا في الإقليم والكميات التي تغطي تخصيصات حصة الإقليم من البترودولار على أن لا تقل أقيام الكميات المسلمة عن المبالغ المتحققة من بيع 250 الف برميل نفط خام يوميا بسعر شركة سومو.

تنفذ الفقرة (أ) اعلاه بالتنسيق بين وزارة النفط الاتحادية ووزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم کردستان.
ج- تلتزم حكومة إقليم كردستان بتسليم الايرادات غير النفطية الى خزينة الدولة وحسب قانون الادارة المالية الاتحادي على أن يقوم ديوان الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية في الإقليم بتدقيق البيانات المتعلقة بتلك الإيرادات.
د- تتم تسوية ما بذمة حكومة اقليم كردستان من ارصدة المصرف العراقي للتجارة لدى المصارف الحكومية والخاصة وتقوم وزارة المالية بجدولة أقساط شهرية تخصم من حصة الإقليم وتبدأ من السنة المال 2021 ولمدة 7 سنوات.
ه - تلتزم الحكومة الاتحادية بتسديد مستحقات إقليم کردستان الواردة في هذا القانون والجداول المرفقة به بعد قيام الاقليم بتنفيذ الفقرات ( أ ، ب ، ج ، د ) من هذة المادة .

ثالثا - إلزام إقليم كردستان تزويد وزارة المالية الإتحادية بعد تدقيق ديوان الرقابة المالية الاتحادي بالتنسيق مع ديوان الرقابة المالية في الاقليم بالملاك الوظيفي للتشكيلات التابعة له (مدني - عسكري) موزع حسب الدرجة والعنوان الوظيفي الشاغر والمشغول والجنس وفقا للأعداد المحددة له بموجب جدول القوى العاملة (ج) المرفق بهذا القانون في موعد أقصاه 2021/6/30.

رابعا:
تلتزم حكومة إقليم كوردستان بصرف مستحقات رواتب موظفي الإقليم من التخصيصات المقررة ضمن اعتمادات موازنة الاقليم (تعويضات الموظفين) وقبل اي امر صرف لأي نفقة اخرى من موازنته الجارية .( زاكروس عربية – أربيل في 31 آذار 2021)
وبالعودة الى موازنتي 2019 و2020 فان معظم ماورد من بنود تخص العلاقة بين الحكومة الاتحادية وبين الاقليم في الموازنتين تضمنتها موازنة 2021 ... كما أن الحكومة الاتحادية خلال عامي 2019 و2020 قد حولت للاقليم المبالغ التي قيل أنها دُفعت رواتبا لموظفي الاقليم والبيشمركه أكثر من مالية الموازنة أحد أهم اسباب تأخير إقرارها.

ـــــــ جميل ان يتآخى العراقيون ويترجمون اقوالهم بالافعال... خلال زيارته لبغداد قال رئيس الاقليم السيد نيجيرفان بارزاني، " أن الكرد يعتزون بعراقيتهم، وأنهم عازمون على إدامة العمل من أجل استقرار العراق وأمنه وسيادته".( شفق نيوزــ 2 أيلول 2020)


AM:11:02:24/04/2021

ئه‌م بابه‌ته 668 جار خوێنراوه‌ته‌وه‌‌