تطبيع الإساءة

‌سرور العلي

تشكل الإساءة تهديدا حقيقيا للفرد لاسيما في مجتمع يجهل آثارها، ومع التطور الذي يشهده العصر، ووجود وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تلك ظاهرة تأخذ حيزا كبيرا من حياتنا، وتؤثر سلبا في علاقتنا بالآخرين.
 
فبدأنا نلاحظ يوما بعد يوم أن هناك من يسيء لبعض الشخصيات سواء كانت عادية أم مهمة، واللجوء بها إلى تصفية الحسابات، والتحريض على العنف والتشهير حتى باتت كأنها دعوة لتطبيع الإساءة بين الناس.

 والمشكلة الأكبر حين تكون الإساءة جسدية ولفظية وهي ممارسة العنف الجسدي على شخص أقل منا قوة، وشتمه وركله، وتوجيه له الكلمات الجارحة التي تترك اثرا طويل الأمد، ومن الممكن ان تسبب له مرضا نفسيا يتطلب وقتا اكبر للعلاج، وهذا النوع من الإساءة لا ترى ولا تتعدى حاجز الكلام، أما الإساءة النفسية فإنها تعمل على تدمير ذاتنا، وصحتنا النفسية، وهويتنا الانسانية، والتشكيك بصحة عقلنا، وعادة ما يصمت من يتعرض لها، ولا يفصح عنها محتملا تبعاتها.  

اليوم وفي ظل الوضع الاقتصادي المتدهور للبلاد، وانعدام الاستقرار السياسي نعاني من الإساءة الاقتصادية، وامتلاك المال والقوة بأيادي تسيء استخدامها، وتجهل التوزيع العادل للثروة، ومختلف الموارد الزراعية والصناعية، لتحقيق مكاسب شخصية، وإساءة استخدام السلطة، وغياب أهم صفة وهي النزاهة في أغلب مؤسساتنا، وغياب الاصلاح الاقتصادي، وتفشي الفساد، وعدم توفر فرص العمل للمواطنين، ويعاني معظم افراد مجتمعنا من الفقر المدقع، والدخل المحدود مع تفشي مختلف الامراض والاوبئة، وتطبيق نظام الحظر الذي بلا شك أثر بشكل كبير على الطبقة الكادحة كأصحاب البسطات، والعمال بأجور يومية وغيرهم.

 وكل هذه الأمور تنعكس بصورة سيئة على الأفراد، والايادي العاملة، وإعاقة التنمية، والتقدم والبناء، وبإمكان الجهات المختصة معالجة الوضع السائد، والهشاشة الاقتصادية، وتحسين الاوضاع، وبناء راس مال بشري، وتوزيع الموارد بشكل منصف، وتوفير فرص العمل، والقضاء على آفة البطالة التي تنخر بمجتمعنا، ودعم الطاقات والمهارات وتطويرها، لتسهم في نهضة البلاد، وتعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة، والقيام بالاستثمارات، وتحسين البنى، وتحقيق طموحات الشباب في الحصول على الوظائف التي يستحقونها، وإكراما لسنوات دراستهم.

كل هذا يمكن ان يكون بوابة لاصلاح النفوس وتهدئة الخواطر، ويمكن ان تعد عملية ترميم للارواح المتنافرة والمستفزة وإبعادها عن حالة التشنج التي تعد احد عوامل ودوافع الاساءة، حتى لاتكون الاساءة مقبولة وطبيعية ومستساغة.


AM:09:18:21/04/2021

ئه‌م بابه‌ته 588 جار خوێنراوه‌ته‌وه‌‌