الانتخابات ورهانات الديمقراطية

‌علي حسن الفواز

خيار الديمقراطية ليس سهلا، لكنه رهان حقيقي على التغيير، وعلى تكريس قيم المشاركة، وعلى بناء اسس الدولة الوطنية. وهذا ما يجعل الدفاع عنها وعن قيمها مسؤولية اخلاقية ومهنية، بوصفها ممارسة تؤسس مشروعيتها على ثنائيتي الحق والحرية، وعلى فاعلية الانتخاب بوصفها ممارسة يتأصل فيها مضمونهما.
الديمقراطية في العراق رهان على المواجهة، وعلى تأهيل المشروع السياسي ليكون بمستوى التحديات الكبرى، وبقدر ما أننا ورثنا أنظمة مركزية وشمولية فرضت سطوتها وارادتها على ادارة الدولة والمجتمع، وعلى الحقوق العامة والخاصة، ومنها الحق الديمقراطي في الرأي والموقف والمشاركة والانتخاب، ومن هنا تتبدى أهمية الوعي بالديمقراطية، وفاعلية برامجها، وعلى نحوٍ يجعل الثقة بها خطوة نحو المستقبل، وأفقا للتغيير، ومواجهة حقيقية مع مظاهر الفشل الرثاثة، بدءا من الفساد والعنف والكراهية، وليس انتهاء بضعف الاجراءات الفاعلة لبناء الدولة العادلة.
نعرف أن التحديات كبيرة، لكن المسؤوليات اكبر، والضرورات تقتضي تنمية الوعي الوطني، على مستوى تبني خيار الديمقراطية، وعلى مستوى المشاركة في ممارساتها بوصفها حقا دستوريا مكتسبا للمواطن والمجتمع، فضلا عن كونها جزءا من ادوات الادارة الفاعلة في مسار التغيير عبر الانتخابات، وفي ايجاد رأي عام ضاغط ومؤثر، يضع حجم مشاركته في تلك الانتخابات ضمن سياق تعزيز مؤسسات العمل الديمقراطي.
ضعف المشاركة في الدورات الانتخابية السابقة، يؤشر خللا في مدى ثقة المواطن بديمقراطية التغيير، وبالقدرة على مواجهة اسباب الفساد والضعف في التنمية، وفي السيطرة على تعقيدات الواقع الاقتصادي والامني والاجتماعي، ومظاهر البطالة والتلكؤ في انجاز المشاريع الستراتيجية، لكن هذا لا يعني الاستسلام والضعف، بقدر ما ينبغي أن يكون حافزا على استمرار ارادة التغيير، وعبر الوسائل الديمقراطية، لأنها الرهان العقلاني والنقدي والقيمي بعيدا عن ذاكرة الانقلابات الدموية التي شوهت تاريخ العراق، وكرست انظمة الحكم الديكتاتورية وضيعت ثروات العراق في حروبها العبثية، وفي تضخيم مؤسسات استبدادها.
الرهان اليوم هو رهان على المسؤولية، والمشروعية الوطنية، وعلى الخيارات الديمقراطية التي تبدأ بالمشاركة في الانتخابات، ولا تنتهي بالحق المجتمعي في النقد وفي التظاهر وفي التعبير عن حرية الرأي والموقف والفكر والمعتقد، وبالاتجاه الذي يجعل الجميع أكثر حرصا على توسيع مديات تلك المشاركة، حتى وإن كانت هنا أو هناك مشكلات قد تبرز في سياق العمل، وهو شأن كل الديمقراطيات في العالم، لكن الثقة بالديمقراطية كفكرة ومسؤولية وكرؤية حقيقية للتغيير، وكأفق لاستشراف المستقبل يظل هو المدى الذي ننشده، وأن نعمل معا على تجاوز هناته، وعلى معالجة الاخفاقات التي يحاول البعض من ضعاف النفوس تضخيمها ووضعها حجرا في الطريق الطويل.
مية تجدُ لها الأرضَ الخصبةَ في العراق؟! إلى متى تستنزفُ هذه الشركات أموالَ العراقيين وسط صمت حكومي وعدم متابعة وملاحقة المجرمين ؟!

شركة (يونك فايننس) الوهمية، الشركة التي ادعت انها شركة لاستثمار الأموال مقابل عوائد ربحية مغرية، أنشأتْ موقعها الإلكتروني في شهر آب عام ٢٠١٦، وبدأت عملها فعلياً عام 2018، روجت هذه الشركة أنَّ لها مقراً في دبي وآخر في تركيا، وانها سويسرية الجنسية، ولها تعاملات في الولايات المتحدة الأمريكية، واستدرجت الناس بعد اقناعهم أنَّها مسجلة لدى مسجل الشركات في بغداد وهناك محامٍ خاص بها في الحارثية. وادعى وكلاء هذه الشركة انَّ أرباحَها من ستة الى سبعة بالمائة ثم تعيد رأس المال بعد انتهاء المدة المتفق عليها بين الطرفين. 

الطامة الكبرى أنَّ هذه الشركة ما اكتفت بأموال الضحايا فقط، بل أشركتهم بالنصب والاحتيال من خلال آلية التسويق التي تعتمد على النظام الهرمي، أي تجند الضحايا بجلب زبائن جدد مقابل أرباح إضافية؛ فجلبوا أصدقاءهم وأقاربهم وزملاءهم.

ووصل عدد المسجلين، وكما أشار تصريح للنائب عالية نصيف في مطلع هذا العام، الى مليوني شخص مقابل 950 مليون دولار، وبالتأكيد الرقم الحقيقي أكثر من هذا المعلن بكثير خصوصاً المشتركين بمبالغ ضئيلة.

انفضحت هذه الشركة بعد تفشي فايروس كورونا، إذ توقفت عن تسليم الأرباح لكثير من الزبائن؛ فانكشف أمرها، وهنا بدأت المشكلة بين الأقرباء والأصدقاء والزملاء الذين كانوا وسطاء واستدرجوا الضحايا الآخرين عن جهل، واندلعت النزاعات والتهديدات العشائرية بل وصلت إلى القتل لاسيما أن بعضهم قد ساهم بعشرات الآلاف من الدولارات.

إنَّ ما يثير الاستغراب والدهشة أنَّ هذه المعاملات المشبوهة تجري في العراق في ظل متابعة ضعيفة للمؤسسات الحكومية المعنية بالملف الاقتصادي والمالي مع شدة خطرها على الاقتصاد الوطني، كذلك ثقة العراقيين بهذه الشركات التي ما برحت تخدعهم وتستدرجهم، وسبق لهم أن اكتووا بنار شركات وهمية مماثلة مثل (سامكو) وغيرها، والمؤلم أن الكثير من الضحايا هم من المثقفين الذين لم يكلفوا أنفسهم عناء التدقيق بثبوتية أوراق هذه الشركة.


AM:10:05:20/04/2021

ئه‌م بابه‌ته 768 جار خوێنراوه‌ته‌وه‌‌