التجهيل المتعمد في تضارب نسب المشاركة في الانتخابات

‌سعد السعيدي

بعد كل انتخابات تقوم المفوضية بالاعلان عن نسب المشاركة فيها. بيد انه قد ظهر تضاربا في تلك النسب في آخر انتخابات عامة اجريت قبل ثلاث سنوات. 

وقد نشر الكاتب علاء اللامي قبل اسابيع تحقيقا في امر هذا التضارب في مقالة بعنوان (ما صحة نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة؛ وهل هي 44 % أم 20 % ؟). 

للاسف لم يغنِ هذا التحقيق حاجتنا للمعلومة الصحيحة في ما يتعلق بنسب تلك الانتخابات وكنا قد حاولنا في السابق البحث على موقع المفوضية عن نسب المشاركة في كل الانتخابات السابقة، إلا اننا لم نفلح نتيجة تعمد المفوضية عدم نشر اية ارقام على موقعها. وهو ما بعث فينا الشكوك خصوصا مع ما كان يعرف عن المفوضية من سوء تشكيلها ومحاباتها لجهات دون اخرى وعدم تطبيقها لقوانينها ولا لتلك الاخرى المنظّمة للاحزاب. وهذا غير فساد اعضائها انفسهم مما كشفته النائب ماجدة التميمي في اوقات سابقة.

وكنا قد عثرنا في الاعلام قبل سنوات على خبر حول انتخابات العام 2014. وفيه قد ذكر على لسان احد اعضاء المفوضية نعتقد انه كان سعد الراوي ثلاثة اعداد هي عدد المشاركين الكلي ومجموع الناخبين الكلي مع نسبة المشاركة التي حددها ب 62 %. بيد اننا ولتدقيق هذه النسبة قمنا بقسمة العدد الاول على الثاني. وهو ما اعطانا رقما آخر لنسبة المشاركة هو 57 % !! وهو يمثل مفاجأة مع فرق 5 بالمئة عن الرقم المنشور. وطبعا فمع امتناع المفوضية عن نشر اية معلومات على موقعها لم تكن هناك من طريقة للتثبت من امر الرابط ولا المعلومات الواردة فيه. 

وقد صمتت المفوضية وقتها حول هذا الرابط فلم تقم بتكذيبه ولا تأكيده على الرغم من انه يعرض مصداقيتها لشك كبير. ولم نستطع العثور على رابط هذا الخبر مرة اخرى. 

قبل يومين قد علمنا عن تداول اعلاميين ومواقع التواصل لتصريح للناطق باسم المفوضية ذكر فيه نتائجا لهذه الانتخابات الحالية لاحظنا إخراجها بنفس طريقة العام 2014 الآنفة. فقال بان 9 ملايين مواطن قد شاركوا فيها من اصل 26 مليون ممن يحق لهم التصويت ليعطي معها نسبة مشاركة 41 %. وهي النسبة التي صارت تنقلها المواقع والوكالات الاعلامية عن المفوضية دون اي تثبت. لكن من خلال القسمة بمعية الاعداد المذكورة تناقصت هذه النسبة الى 35 % تقريبا !!! وهذا يشابه فرق النسبة الآنف للعام 2014. هل نستنتج من هذا محاولة المفوضية إبراء ذمتها من اي تشكيك قد يطالها حول ارقامها امام ضغوط تمارس عليها ؟ ولزيادة فوضى الارقام فقد اعلن تقرير تحالف منظمات وشبكات مراقبة الانتخابات بان نسبة المشاركة حتى لحظة اغلاق صناديق الاقتراع قد بلغت 38 %.

ثمة رابط نشره الاعلام يتعلق بنسب المشاركة في البلد عند منتصف نهار يوم التصويت اعتمادا على اعداد من استلم البطاقة الانتخابية (2). وهو الذي زعمت المفوضية انها ستقوم بالتحقيق حول تسريبه. نقارن هذا برابط آخر مماثل ظهر خلال الانتخابات التشريعية السابقة يتعلق بنسب المشاركة لنفس فترة اليوم يعتمد على عكس الرابط الآنف على مجموع من يحق لهم التصويت. نتيجة المقارنة هو عدم اختلاف نسبهما عن بعضهما البعض كثيرا (3). وهو امر يثير الشكوك ويستدعي مساءلة مفوضية الانتخابات حولها خصوصا وان تلك الانتخابات السابقة قد شابها الكثير من التزوير كما هو معروف.

لهذه الاسباب نرى ضرورة قيام جهة محايدة باجراء التحقيق حول ارقام مفوضية القضاة هذه واعداد المشاركين في هذه الانتخابات بعد تخبطاتها المتكررة. وذلك لتوخي الدقة في العمل ولتوفير المعلومة الصحيحة للرأي العام بهدف تعزيز الثقة بالانتخابات. ويمكن لمنظمات مراقبة الانتخابات المحلية القيام بهذا التحقيق مع اخرى مدنية محلية وناشطين واخرى اجنبية محايدة لتدقيق هذه الارقام (وليس النسب الناتجة) بشكل جماعي ونشر نتائجه في الاعلام. ولا بد من القيام ايضا بتدقيق ارقام كل الانتخابات السابقة التي جرت منذ تلك الاولى العام 2005. فهذا من حق الناخبين العراقيين لمعرفة ما يجري في بلدهم. فليس من الديمقراطية بشيء تجهيل الناخبين وتضليلهم في ما يتعلق بحقوقهم السياسية. وطبيعي اننا لما نطالب منظمات المجتمع المدني بهذا الجهد فاننا نعني ان يشمل التدقيق كل التصويت العام والخاص في كل العراق. ويجب ان يعرف الجميع بانه كلما يتكرر التلاعب بهذه الارقام ، كلما يزداد تآكل الثقة بالمفوضية حتى ولو كانت من القضاة.

ولدى اية محاولة لعرقلة هذا التحقيق من اية جهة كانت فان كل النظام سيكون موضع شك وسيضعه شاء ام ابى في خانة المساهمة في تضليل الرأي العام. وهو ما سيؤدي قطعا الى التوجه نحو مقاضاة الدولة ومفوضيتها للجوئهما الى الكذب والتضليل ومحاولة التغطية عليهما.


AM:11:33:16/10/2021

ئه‌م بابه‌ته 2032 جار خوێنراوه‌ته‌وه‌‌